19‏/06‏/2013

ما الذي تريده فرنسا من الربيع الامازيغي؟!

JAN29

  بقلم : حداد بلال

من المؤكد ان للامازيغ دورا فعالا في مساندة الثورة الجزائرية لاخراجها من مستنقع الاوحال الفرنسية، التي برغم من استقلالنا عنها مازلت تطمح بالعودة الينا من خلال مرحلة ما بعد الاستقلال، عبر تمسكها بورقة الاقليات الامازغية التي تشكل حوالي 35 ‘ من السكان الجزائريين في تلك الفترة، وفي محاولة منها للتغلغل وبلورة افكار هذه الاقليات، حتي تصيب لها مكانة عندهم تسمح لها مستقبلا بالتدخل في شؤونها الداخلية، بعد ان لاحظت غفوة وتجاهل السلطات الجزائرية في تلك الفترة لتحقيق مطالب هذه الاقليات، وخاصة من بينها منطقة القبائل التي شهدت خلال العقود الفائتة ربيعا امازيغيا كانت تعول عليه فرنسا في تقسيم هيكل التراب الوطني الى اجزاء حسب الاختلاف العرقي لهذه المناطق في الجزائر.فهذه المناطق او بالاحرى تلك الاقليات الامازيغية تعتبر احدى الاوتار الجزائرية التي لا يمكن الاستغناء عنها، برغم من ما عايشته في مراحلها الاولى للاستقلال من تهميش واحتكار من طرف السلطة العليا في البلاد اثناء تلك الفترة، والتي بدت ملامحها تظهر من خلال ميلاد الربيع الامازيغي الاول في سنة 1980 نتيجة الغاء محاضرة الكاتب ‘مولود معمري’حول الشعر البربري بجامعة تيزي وزو، وقد اخذت ابعاد هذا الربيع طابعا ثقافيا، عكس احداث الربيع الامازيغي الثانية فانها تميزت بابعاد اقتصادية اجتماعية في سنة 2001 اثر مقتل طالب جامعي من طرف دركي، ما جعل منطقة القبائل تقدم على مظاهرات واحتجاجات تطالب بانسحاب الدرك الوطني من المنطقة وتغييرهم بالشرطة. واضافة الى مطالب اخرى ترجح على مساندة الحكومة لتحسين اوضاعهم المعيشية وخاصة في مجال توفير مناصب العمل التي ارتفعت بها نسبة البطالة الى ارقام قياسية في تلك الفترة،عجلت دون توفير سكن ودفع مصاريف الدراسة التي شهدت عزوفا طلابيا في تلك المدة، المشبهة بمرحلة الحقبة الاستعمارية، التي حالت محل امتغاض واحساس سكان المنطقة بالتهميش والحقرة نتيجة تجاهلهم من طرف الحكومة واستعمال القوة التي لا مبر لها ضد هؤلاء المطالبين بحقوقهم.
وهذا ما جعل فرنسا تحشر انفها بالذات في هذه الفترة من الربيع الامازيغي الثاني،علي غرار ما ورد على لسان وزير خارجيتها السابق ‘هوبير فدرين’ مصرحا بان فرنسا لن تبقى صامتتا ازاء تردي الاوضاع بالجزائر، ليكون رد الخارجية الجزائرية عليها مسرعا من طرف ‘بلخادم’ بان ما ادلت به فرنسا من تصرحات يعد تدخلا في الشؤون الداخلية الجزائرية، ما زاد حدة التوتر بين الطرفين، خاصة بعد توجيه اصابع الاتهام نحو فرنسا في استفحال الاحتجاجات من طرف السلطات الجزائرية، ولكن ما زاد الطين بلة هو قيام بعض الاحزاب السياسية المهمشة في تلك الفترة بالاستنجاد بفرنسا للضغط على السلطة الجزائرية حتى توقف تعنتها، وبذلك تكونت فرصة سامحة لها للتدخل في الشؤؤون الداخلية، التي عملت لاجلها فرنسا طوالا الوقت، من منطلق سياسة ‘فرق تسد’، التي كان يقوم عليها الاستعمار التقليدي قبل الاستقلال.
وما زاد تأكيدا وايمانا على سياسة فرنسا للتفريق بين الامازيغيين من خلال فتح باب الهجرة اليها واعطائهم فرصة اكبر للحصول على التعليم الحديث الامر الذي جعلهم يحسون بانهم متميزون عن باقي المجتمع، كما عملت في نفس الوقت وسائل الاعلام الفرنسية بما فيها الاذاعة والتلفزيون على تقديم برامج خاصة بهم ما يزيد من الشعور بالخصوصية الثقافية، وهذا انما يدل على احتفاظ فرنسا بورقة الاقليات للتشتيت وتفريق الجزائريين على نفس المنوال الذي كانت تقوم به اثناء استعمارها للجزائر.
وبالحاصل فان الربيع الامازيغي الجزائري لم ينشأ من عدم وانما هو تظافر جهود هذه الاقليات الامازيغية نتيجة احساسها بالظلم والحقرة والتناسي تجاهها من طرف الهيئات الحكومية في ارض العزة والكرامة، شأنها في ذلك كباقي الامازيغ في البلدان العربية التي نال منها الاغتراب السلطوي المفرض عنها، وما جاء عن فرنسا خلال الربيع الامازيغي الجزائري لن يكون سوى تغطية لاغتيالاتها الجماعية للجزائريين اعقاب الاستعمارالفرنسي من جهة واستغلال تلك الاقليات في تشويش افكار السلطات الجزائرية بخلق انفصالات وطنية عبر نفق الاقليات الامازغية، التي كانت فرنسا تؤمن بربيعها ليس من جانب المساهمة في تحررها وانما في تشتتها باسم الشعارات الانسانية تحت مقولة ‘فرق تسد’، التي في الاخير لم تنجح لحد الان بسبب واحد هو ‘الاسلام’ الذي لم شملهم وزاد ارتباطهم الكبير بالعرب.

  يمكنكم الاطلاع علي المقال في جريدة "القدس العربي"

 http://www.alquds.co.uk/?p=55369




0 التعليقات: