09‏/07‏/2013

كم ثورة تحتاج مصر كي تستقر؟

JAN29

 بقلم : حداد بلال

مصر منذ اطلاق ثورة 25 يناير الى ما يسمى بالثورة المضادة على الاخوان المسلمين، التي خطفت يوصلتها انظار العالم وترقب الصحافة العالمية التي كانت اولى عناوينها بالامس متمثلة بالانقلاب العسكري المنحاز لارادة الشعب وانتكاسة للاسلاميين نهايتها زوال عهد الاخوان المسلمين في مصر، لكن برغم هذه المعطيات الاخيرة حول ثورة مصر الثانية الا ان هناك بعض اللبس والغموض ما زالا يحدقان بها، فهي بحاجة من ذلك الى بعض التوضيحات التي قد نقف عندها عبر تأملاتنا الحقائقية الموجزة لهذه الثورة المصرية من خلال النقاط التالية:
اولا: يتمثل في الانقلاب العسكري الذي قاده ‘السيسي’ على الاخوان المسلمين في مصر، معتبرا اياه خيار ارادة الشعب المصري دون ان يفصح عن معنى هذه الارادة، ان كان يقصد بها تلك الارادة الشعبية التي اوصلت مرسي الى مقعد السلطة وازاحت مبارك عن عرشه في ثورة 25 من يناير، ام هناك ارادة شعبية اخرى لا نعلمها غير تلك التي كانت في السابق، وهو بذلك يقدم خدمة جليلة لمرسي وبطريقة غير مباشرة من خلال عزله واداء واجباته التي حاز عليها بواسطة الصندوق مما دفع قراره هذا بوفد شعبي من مؤيدي مرسي الى الخروج الى الشارع للمطالبة بارجاعه والوقوف في وجه المعارضة دون ان يكون لمرسي يد في ذلك، كما ان اغلاق العسكر للقنوات الفضائية التي كانت تضلل الرأي العام المصري في زمن مبارك هو بمثابة خدمة اخرى لمرسي كان مترددا في فعلها لانها لا تكف عن القيام بانتقاد الاخوان المسلمين.
ثانيا: وهو يرجع بطبيعة الحال الى خروج الاخوان المسلمين عن صمتهم للمطالبة بعودة رئيسهم ‘مرسي’ لعدة اعتبارات لا يجب السكوت عنها، منها الحلم المنشود الذي تحقق في وصولهم الى السلطة بعد زمن طويل من الانتظار وهم الان غير مستعدين للاستغناء ولا التفريط عنه هذه المرة، كما ان وصول مرسي للسلطة كان عن طريق انتخابات شفافة يشهد لها الكثير، وربما تكون اكبر دافع للاخوان لدخولهم في صراع مع المعارضة المصرية التي لا تتوانى في ايجاد وتوجيه انتقادات لهم، والذي زاد من مخاوف هذا الصراع لدى الكثيرين هو لجوء الاسلاميين الى حمل السلاح على الطريقة التي اتت بها سيناريوهات العشرية السوداء بالجزائر، ان زاد الامر عن حده خصوصا ان حصل ما يدعو اليه المرشد ‘محمد بديع′، حسب ما قاله للجماهير المؤيدة ‘بان تستمر في الشارع حتى تحمل مرسي على اعناقها او تفديه بدمائها’ ما يؤكد خطورة الامر ورهان الاخوان على ذلك.
ثالثا: وتجسدها ابتسامة ‘مبارك’ ونطاح سقف المعارضة التي لم تخف حقدها لتصفية حسابات قديمة لم يتحملوا فيها خسارتهم لرئاسيات الماضية التي تخللتها ثورة 25 يناير وحصل في ضلها ‘مرسي’ واخوانه المسلمون على مقعد السلطة، وعلى فكرة فان هذه المعارضة المتمثلة اليوم ضد مرسي تتكون في غالبيتها من انصار الرئيس السابق ‘مبارك’ الذي لم يستطع اخفاء فرحته عند سماعه خبر عزل القوات المسلحة لمرسي، قائلا عن ذلك بابتسامة عريضة ‘ان معارضي مرسي اكثر عددا من معارضيني’ وهو يتأمل بذلك عودته الى الحياة السياسة عبر منعرج المعارضة المزعوم الذي يرعاه له رئيس الدستور محمد لبرادعي، الذي يولي بحرصه الدائم وبشكل ملفت على صحة مبارك الذي اخبره فيها الامين العام ‘بان الرئيس المخلوع يتم معاملته بكرامة واحترام في داخل المعتقل’.
رابعا: وهو عما قاله البرادعي للصحافة الدولية ‘انا من اقنع العواصم الغربية بتنحية مرسي’ وانه اصر عليهم بان الاخوان فاشلون في ايجاد ديمقراطية شاملة ويجب اطاحتهم، وهذا يدل على محاولة البرداعي ايجاد وساطة لدى الدول الغربية وضمان استعطاف الشعب المصري للفوز بالانتخابات القادمة كونه احد المرشحين فيها والتي نراها لم يلبث للوصل الى مقعد السلطة حتى بدأ ينسج خيوط التطبيع مع امريكا واسرائيل، قد نراها في تصريحه الاخير حين طلب من الغرب مساعدته للتخلص من مرسي واخوانه، ولكن قد يحدث عكس ما يتمناه محمد البرادعي اذا تأكدت صحة ما ورد في اعلان الموقع الرسمي للاخوان المسلمين بان الرئيس عدلي منصور الذي اختير رئيسا مؤقتا للبلاد فان البرادعي هو من ساهم في ان يكون منصور رئيسا للبلاد، ما سيعمق فجوة الصراع ويؤكد ربما ديمقراطية الاخوان ضد المعارضة والعسكري، وعندئذ ماذا ستكون ردة فعل البرادعي يا ترى؟
خامسا: واخيرا هو ما قيل بشأن انضمام كم هائل من نجوم الفن والاعلام الى هذه الثورة مقارنة بثورة 25 يناير التي لم نراهم فيها بهذا الكم من قبل، سوى البعض منهم وكأن هذه الثورة مهمة لهم اكثر من ثورة 25 يناير، وانما يفسر ذلك عودة نجوم الفتن ازلام مبارك السابقين الذين تخلوا عن الثوار في السابق، وكما نرى قد غابت اصواتهم اليوم في زمن مرسي واخوانه حتى يأمن ويغفل عليهم هذا الاخير، الى حين بدء شرارة الثورة المضادة على مرسي واخوانه.
وبمختصر الكلام نجد بان الثورة الثانية للشعب المصري العظيم قد تبقى محاصرة بين مطرقة الاخوان المسلمين وسندان المعارضة التي ان لم يستعقل اطراف النزاع فيها، سيؤدي بهم الامر نحو جر مصر الى هول حرب اهلية لا يحمد عقباها.

   





0 التعليقات: