مقال تحليلي لظاهرة وجود "داعش" في الجزائر
تنظيم « داعش» إختبار حقيقي لإستراتجية الجزائر في مكافحة الإرهاب
سارعت الجزائر
عبر وزير خارجيتها «رمضان عمامرة» خلال الإجتماع الخامس للمنتدى الشامل
لمكافحة الإرهاب بنيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية ،إلى استغلال
فرصتها السميحة لتأكيد مساعيها الدائمة نحو مواصلتها الطريق بعزم لمكافحة
الإرهاب، على سبيل ما أحدثته آخر التطورات في ولاياتها الشرقية بتيزي
اوزو،عندما نفذت جماعات إرهابية موالية لداعش عملية إختطاف ناجحة لشخص يحمل
جنسية فرنسية وقتله من بعد ذلك،ما أوقع السياسة الجزائرية في حرج وورطة
كبيرة،لاسيما بعد أن تعالت اصوات مستنكرة لهذه الواقعة في ظل إفتعالها في
بلد لطالما كان يظهر إفتخاره بخبرته الطويلة للتصدي للإرهاب.
وإن كانت
هذه العملية الإرهابية تحمل في طياتها الكثير من اللبس و الإستغراب لفاعلية
سرعتها المتزامنة مع بداية القصف الفرنسي على «داعش» في العراق
ثم تباين وجود آلة التصوير مع الضحية المختطف، كل ذلك النمط، وكانه
بمحاولة إيصال رسالة مشفرة إلي جهة معينة ما، قد تفرز عنها إمكانية إحباط
معنويات الدبلوماسية الجزائرية التي عليها من الآن فصاعدا أخذ إحتياطاتها
المركزية ،لأن أمنها مستهدف من الداخل والخارج،خاصة بعد تسريب إشاعة دخول
بعض الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم «داعش» إلى الأراضي الجزائرية،ما
سيولد فرضية جعل محاولات أمريكية و غربية و عربية الغوص في أعماق المدن
الجزائرية بحجة القضاء على الارهاب في المنطقة ،أي إستغلال لغز «داعش» لضرب
إستقرار البلد وغربلة الساحل الافريقي من جديد مثلما فعلت ذلك في ليبيا.
وفي
الشأن ذاته،اليوم،تنظيم «داعش» يعتبر أكبر إختبار سيوإستراتيجي للمنظومة
الوطنية الجزائرية الصامدة دوما في وجه مكافحة الإرهاب خصوصا بعد تأكيد
نجاحها في مرحلتين حاسمتين تمكنت من إجتيازهما بقوة،واضعة بذلك نفسها محل
إعترافات دولية لمصداقية خبرتها الطويلة في مثل هذه المواقف الوعرة، وأولها
نجد حبكة «تقنتوريين»حينما أرتعد العالم لحسن بديهية الجزائر في التصرف
لإنقاذ الأسرى المحتجزين من طرف مجموعات إرهابية منظمة بأقل الأضرار،أما
ثانيتها، وهي تمكنها من الإفراج عن الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين
بمالي دون أي دفعات مالية، فاستراتجية الجزائر صار لها طابعها الخاص بعد ان
أصبحت مطلب الكثير من الدول المجاورة من اجل الإستفادة من خبرتها
اللامتناهية في مجال حماية حدودها الأمنية.
فلا يخفى علينا أيضا،أن سياسة تنظيم «داعش» في توسيع عملها في أرجاء الدول العربية،لا تختلف كثيرا عن باقي خطوات أمراء القاعدة
ومختلف تنظيمات الجماعات الإرهابية الأخرى ،من ناحية ظاهرة إختطاف الرعايا
الأجانب ومقايضتهم بمقابل فدية تدفعها هذه الدول ،لكن في الجزائر فإن
الامر مغاير و تجربة الدبلوماسيين الجزائريين في مالي خير دليل على ذلك،أما
عن محاولتها التنظيمية المدرجة ضمن إستهداف السفارات والقنصليات
الغربية،فان الجزائر حفظت الدرس من خلال ما انجزته في ذاكرة «تقنتوريين» من
مكسب دولي جعل ثقتها الكبيرة تقوى. أما إنكشاف أغلب الأوراق التي يستغلها
تنظيم «داعش» في محاولة هز أمن البلاد من جهة ،ووضع مكانة السياسة
الجزائرية لدى قيامها بمكافحة الإرهاب في حرج من جهة اخرى.
مما سبق
،الجزائر تمتلك كل المقومات للوقوف امام هذا الإختبار الذي يخيرها بين
استعمال ذكائها الدبلوماسي ونبرتها الدفاعية العسكرية لمواجهة تحديات
الأغلب أنها ستكون هذه المرة بمثابة إغلاق لبعض الافواه التي تنكرت لخبرات
المواقف الجريئة التي إتخذتها الحكومة الجزائرية في سبيل دعم القضايا
العربية، كما أنها سترفع بذلك نسبة عالية من إمساكها و مقدرتها علي وقف
التحركات الإرهابية القاعدية نهائيا،لأن لو رجعنا إلى حصيلة الأرقام
المقتبسة من أرشيف نجاحاتها منذ وقت الثمانينات إلى اليوم ، لوجدنا
إستراتجيتها لازلت سارية المفعول إلى حد إنهاء أزمة تواجد الإرهاب بالجزائر
بمسميات المصالحة الوطنية و الوئام الوطني.
ولا مفر لو قلنا أن نهاية «داعش» قد تكون بفضل قوة الحنكة الجزائرية في مكافحة الإرهاب.بلال حداد
كما يمكنكم الإيطلاع علي الموقع في صحيفة "القدس العربي"
0 التعليقات:
إرسال تعليق