13‏/05‏/2013

ارحموا اساتذتنا المضربين

JAN29

  بقلم : حداد بلال
لا شك في ان الاضراب الذي قـــــام به اساتذتنا في الايام الفارطة، قد شل المـــــدارس الجزائرية وبقـــي محل حديث القيل والقال فـــي الجزائر، خصوصا بعدما شمل الاضراب قطاع التعليم بكل اطــــواره الثانوية وصولا الى التعليم المتوسطي والابتدائي، وكان الاضراب موحيا بمطالب كثيرة ومتعددة، يعود بعضها الى مطالب كانوا قد ناشدوا بها في العقود الزمانية الفارطة السلطات المعنية بالامر، من دون ان تحقق لهم ذلك.
وفي حين كان هناك تجادل وتجادب بين من هم مؤيدون لهذه الاضرابات المتكررة خلال السنوات الاخيرة، معتبرينها من اهم الحقوق المشروعة لهم اولا، ولاعادة الاعتبار للاساتذة المضربين ثانيا، بينما اقاويل اخرى كان لها رأي مخالف ومناقض لفكرة هذه الاضرابات، ووضعت لها نقطة سوداء تصف بعض قراراتها بالبزنسة والمزايدة في الزيادات التي كانت قد قدمت لهم في السابق على انها تكفي وتزيد.
وقد تزامن هذا التفاوت والاختلاف بشأن الاضراب الاخير في قطاع التعليم مع المطالبات ‘البرلمانية’، حيث امضت اليوم تطالب بحلم رفع الاجور، الذي لم يتحقق لاساتذتنا المضربين، والغريب في الامر ان هذا الطلب قوبل بالقبول وبدون اي مشاحنات ومناورات لاعتمادات نقابية لذلك، فوصل مزاد رواتبهم الى 40 مليون بزيادة تقدر بحوالي 10 ملايين، بعكس ما نراه من زيادات تقدم بشق الانفس لاساتذتنا المضربين، بعد اخذ ورد في اجتماعات نقابية ومفاوضات ساخطة تبجل سنوات عجاف من الخيبة، مقدمة بزيادات لا تسمن ولا تغني من جوع، وكأنهم طالبو صدقة، افلا يكون من حق الاساتذة والمعلمين اليوم ان تكون رواتبهم بمنزلة رواتب هؤلاء البرلمانيين واصحاب الاحزاب السياسية وغيرهم.
اليس الاستاذ هو المربي والموجه والمكون لاجيال صاعدة، بمن فيهم امثال هؤلاء السياسيين الحزبيين والبرلمانيين؟ فلماذا حاله ليست كحال هؤلاء؟ شتان بين عين تنام ليل نهارلا تنهض سوى في الحالات الانتخابية لتكرم ببحبوحات وزيادات تقدر بالملايين من دون اي محاسبات او تفصيلات، وبين عين ساهرة من اجل تحصيل وتكوين اجيال ذهبية ترقى بالامة الى العلا، لتقابل في الاخير برواتب لا تحسد عليها مقارنة بما قد تتعرض له من اضطربات نفسية وشعور باليأس والاحباط.
كنا في القديم نتمنى ان نصير مثل كبار مدرسينا ومعلمينا، ولكن لا نعتقد بعد هذا اننا سنكمل المشوار فيما كنا نتمناه في السابق.
وان كنا قد بدأنا نفقـــــد في هذه الاونـــــة الاخيرة جيل الستينات والسبعينات الذاكرة الجــــوهرية لتاريخنا الحافل بذكريات الانتصارات الثورية، فاننا لسنا مستعدين لنفقد ما تبقى من ارشيف اصحاب العقول في القطاعات التعليمية التي لها الفضل في ما نحن عليه الان من تطور ولانها القطاع العصبي الرئيسي لتقدم كل القطاعات، فبضره ومرضه ستتداعي كل القطاعات. 

   يمكنكم الاطلاع علي المقال في جريدة "القدس العربي"




0 التعليقات: