20‏/05‏/2013

الجزائر: أين اختفى الرئيس؟

JAN29

  بقلم : حداد بلال
عجيب امر الكرة السياسة في الجزائر، تكاد رماح مسيسيها تقتل انفاس مضربيها لو وليت بناظريك الى مشارقها ومغاربها ومن شمالها الى جنوبها ستجد كلها تحمل هما واحدا بعين واحدة ترتقب وتتساءل بين حين واخر دون ان تجد جوابا مقنعا لفضولها من ناحية غياب وليها الغائب الحاضر بلسان يعجل به مقربون من حضرة رئيسنا، وان كانت غالبية تلك التفضيلات والتساؤلات كلها تنصب حول سؤال واحد متمثل في اين اختفى الرئيس؟ بعدما اصبحت صحة الرئيس هي الاخرة محل استفهامات حيرت الشعب الجزائري.
وفي ظل ازيداد مدة غياب الرئيس بدات تتطوال الالسن حول التفكير المستعجل لايجاد من سيكون خليفة الرئيس بعده وبعد تقديمهم نماذج لرؤساء جدد، دون تأكدهم من صحة الرئيس ان كانت قادرة على استكمال مشوار المضمار الرئاسي ام لا من جهة ومن جهة اخرى دون مرعاتهم لمقدرة هؤلاء على تقلد منصب بهذا الحجم، متناسينا بذلك ما حدث في بعض دويلات الربيع العربي بعدما سنة مطالب تدعو للتغير المسرع لاجل ابدال مرؤوسيهم القدماء كشرط اساسي لتحقيق التغيير، وان كانت هذه المطالب في ظاهرها مطالب شعبية الا انها لا تبدو كذلك في مضمونها لانها قد تنغوي في غرائز مطلبية لاطماع المعارضة في الاستخلاف على مقاليد الحكم، والا بماذا نفسر نتائج الاستخلافات المستعجلة لمعارضة الغنوشي المستخلف لزين العابدين في تونس ومرسي لمبارك في مصر؟ الذين لم يذيقا شعبهما سوى مرارة الفوضى والدمار المحطم لامال شعوبهم.
وعجيب العجاب مما تحمله الكرة السياسية الجزائرية من سياسيها على انه بالرغم من التدهور الصحي للرئيس، الا ان بعض الساسة لا يزالون يتغنون ويؤمنون باغنية ‘العهدة الرابعة’ لفخامته، مع انه هو بذاته صرح مؤخرا في احدى خطاباته قبل مرضه بالحرف الواحد قائلا: ‘طاب جناني’ ما يعني ايحاء منه بطريقة غير مباشرة الى انه يستبعد ترشحه وانكم مطالبون بالبحث عن البديل عنه بدلا من الطواف عليه.
وما زاد الطين بلة وبعيدا عن سياستنا الجزائرية ما قيل عن ذلك الجار الذي لا يصون اخاه الجار لمجرد مرض صاحب الديار، وهو ما قد راح يستعرض فيه عضلاته بخرجاته الفلكلورية التي لا نستبعد ان تختفي وتنتهي اوقاته التمثيلية لمجرد ظهور الرئيس على الساحة السياسية، وهو البارز في ما نراه اليوم من طرف حزب الاستقلال المغربي الذي يريد ان يشمت بنا من اجل بلوغه رقاب السلطة وكسب مرضاة الملك المغربي في مقابل طعن الاخوة بين الشعبين الشقيقين في زمام الصمت الجزائري المتواصل نتيجة مرض صحة الرئيس المستغلة من طرف هذا الحزب لاثارة المتاعب.
ولم يكفنا هذا فقط، بل زادنا الفراغ الذي تركه ‘الرئيس′ لنا هما وراء هم من خلال ما يحدث في هذه الاونة بالذات من اضرابات في شتى القطاعات واحتجاجات شعبية غطت احداثها معظم الولايات، فسببهما واحد يعود الى الشعار الذي يتفننوا فيه غالبية المسؤولين تحت عنوان ‘كل واحد يلعب لعبوا’ لانه بالطبع ليس هناك من سيحاسبهم على افعالهم فالرئيس غائب عنهم.
ومن هذا وذاك فاننا قد نكون مقبلين على ايام اشد وطأة من سابقتها التي كنا قد عايشناها من قبل، لاننا سنعاني من غياب حلقة مفقودة عنوانها ‘غياب الرئيس′ الذي يزداد غيابه بزيادة طول موجة الاضرابات التي تشل شتى الاسلاك الوظيف العمومي والاحتجاجات الشعبية الراهنة دون نسيان بالذكر الحملات الشرسة الخارجية المتواصة ضد السيادة الوطنية الجزائرية التي سنطالب بالمحافظة عليها بغياب الرئيس او بعدم غيابه من خلال التلاحم الذي عهدناه في شعبنا في ازمات اشد رهبة منها الان.

    يمكنكم الاطلاع علي المقال في جريدة "القدس العربي"


0 التعليقات: