10‏/06‏/2013

خريف تركي وليس ربيعا!

JAN29

   بقلم : حداد بلال
يبدو ان الحراك الشعبي لما يسمونه بالربيع العربي، قد قرر تغيير وجهته، بعد ان سبق كل التوقعات التي تنصب مؤشراتها نحو اكمال ما تبقى من تلك الدول المجاورة لدويلات الربيع العربي كالاردن ولبنان او الجزائر وغيرها، الا ان هذا لم يتم تحققه بل اخذ مسلكا بعكس الاتجاه الذي كان يراه البعض، او بالاحرى ما كان يتمناه ويتبناه البعض الاخر من الذين يريدون جرف ما تبقى من الكتل العربية الى الهاوية، لكن رياح الربيع تأتي بما لا يشتهيه هؤلاء، فالربيع اراد ان يغير من اسمه واتجاهه صوب اوروبا، وبالتحديد في تركيا الذي فضل بعضهم تسميته بالربيع التركي الذي قد يكون بداية لفتح البوابة الرئيسية لاوروبا لاستقبال هذا الربيع الذي سيحول نمطه من ربيع عربي الى ربيع غربي.
فالمظاهرات التي ثبتت مؤخرا في متنزه ‘التقسيم ‘ بتركيا لا تبشر بخير وخاصة بعد ان اصبحت مدتها تطول بطول ايامها وتضيق فرص حلولها برغم من محاولات اردوغان الاخيرة لتهدئة الاوضاع بلغة الحوار، في حين تسارعت بعض الدول الاوروبية لاضهار قلقها تجاه هذه المظاهرات، بما فيها بريطانيا والمانيا واسبانيا وامريكا، مبدية حذرها ومطالبها بحسن التعامل مع مثل هذا النوع من المظاهرات، خصوصا بعد مساندة اليونانين وتأيدهم لهذه الاحتجاجات التركية التي ارجعها البعض الى انه صراع بين العلمانيين والاسلاميين، فيما ارجعته السلطة التركية الي تورط اطراف خارجية تريد المساس بامن البلاد.
والملاحظ من ذلك ان تركيا قد اصبحت معادلة صعبة في اوروبا اثر قبول انضمامها الى الاتحاد الاروبي، هذا الامر انعكس على تركيا لو تتبعناها فيها سياسة اردوغان الذي يبدو انه قد اخذ بالحنكة الاوروبية مبلورا اياها على بلاده بعد ان جعل منها دولة اكثر امنا وتطورا اقتصاديا، حتى باتت اليوم تركيا بغير حاجة الى قروض صندوق النقد لتكون البوصلة او الرئة التي تتنفس بها اوروبا مستقبلا، مقارنة ببعض الدول حتى الكبرى منها ما زالت في امس الحاجة الى هذه القروض، ما يعني ان التجربة التركية اصبحت معادلة لا يستهان بها في الحقل الاوروبي وان اي انقسام وضرب لمصالح تركيا سيعود بالسلب على باقي المعمورة الاوروبية، خاصة بعد الصراع الاخير للجيشين التركي والسوري الذي سيجعل من الحدود التركية مجالا مفتوحا لبداية انتشار ‘القاعدة’ والاسلحة بداخل هذه الاخيرة، ما يفسر هذه المخاوف الاوروبية من تفاقم الوضع التركي بشأن هذه المظاهرات التي قد تستغلها اطراف في زعزعة اوروبا ونشر فتيل الربيع العربي ليصبح ويضمحل في صورة ربيع غربي.
وان كان التاريخ قد منح تركيا فرصة للنهوض من جديد بعد عهد الدولة العثمانية، فلا يجب ان تضيعها بل لزاما عليها اليوم ان تنصف نفسها لان السقوط هذه المرة يعني الزوال وعدم المقدرة على العودة لما هي عليه الان من تطور، بل هو اشد وطأ وخطورة ان انتشر فيروس هذا الربيع التركي لبعض الدويلات الاوروبية نتيجة عملية التقشف التي تمارسها بعض الانظمة الاوروبية جراء الازمة الاقتصادية التي يمر بها الاتحاد الاروبي، بالرغم من التنديد المتواصل بهذا الحراك الشعبي لهذه السياسة التقشفية التي تدفعهم بين الحين والاخر الى الشارع للتظاهر.

    يمكنكم الاطلاع علي المقال في جريدة "القدس العربي"

http://www.alquds.co.uk/?p=52706

2 التعليقات:

غير معرف يقول...

مقال جيد بالتوفيق انشاء الله

غير معرف يقول...

m9al jaid "bitofi9 ichaa alah"